المدونة
الرقم القومي الموحد للعقار: خطوة ثورية في تنظيم السوق العقاري المصري

أصدرت الدولة المصرية مؤخرًا قانونًا جديدًا يحمل رقم 88 لسنة 2025، والخاص بإنشاء “الرقم القومي الموحد للعقار”، في خطوة تعد من أهم التطورات في البنية التشريعية العقارية خلال السنوات الأخيرة. هذا القانون لا يقتصر فقط على ترقيم العقارات، بل يمثل تحولًا رقميًا وتنظيميًا سيعيد رسم خريطة السوق العقاري المصري بطريقة أكثر شفافية واستدامة.
ما هو الرقم القومي الموحد للعقار؟
هو رقم فريد يُمنح لكل عقار في مصر، سواء كان مبنى سكنيًا أو تجاريًا أو صناعيًا، ولا يمكن أن يتكرر أو يتغير بمرور الوقت. هذا الرقم يكون مرتبطًا بقاعدة بيانات إلكترونية مركزية تُدار من خلال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بالتعاون مع الجهات المعنية، مثل وزارة الاتصالات وخريطة “كود السراج”.
لماذا تم إصدار القانون؟
جاء هذا القانون استجابة لحاجة ملحة لتنظيم السوق العقاري، الذي يعاني منذ عقود من مشاكل في الملكيات، تعدد جهات التوثيق، صعوبة حصر الثروة العقارية، وتضارب البيانات. فمع غياب هوية رقمية موحدة للعقار، كانت عمليات البيع، والإرث، والمرافق، وحتى إزالة العقارات، تتم بشكل معقد ومليء بالثغرات.
إيجابيات القانون الجديد:
-1 تنظيم السوق والحد من العشوائية
وجود رقم قومي موحد يربط كل عقار ببياناته التفصيلية (الموقع، نوع الاستخدام، الرخص، التوصيلات…) يعني انتهاء فوضى تعدد الأوراق والملفات، ويوفر منظومة دقيقة تسهل الوصول لأي معلومة.
-2 تعزيز الملكية وحماية الحقوق
الرقم القومي يجعل لكل عقار “هوية رقمية قانونية” تمنع التزوير أو التلاعب في المستندات، وتحمي حقوق الملاك سواء كانوا أفرادًا أو جهات استثمارية.
-3 تسهيل نقل الملكية والتسجيل
مع وجود الرقم القومي، تصبح إجراءات البيع أو التسجيل في الشهر العقاري أكثر سرعة ووضوحًا، نظرًا لاعتماد الجهات الرسمية عليه كمرجع أساسي.
-4 تمكين الدولة من التخطيط العمراني السليم
بفضل قاعدة البيانات المركزية، تستطيع الحكومة مراقبة النمو العمراني الحقيقي، وتحليل كثافة الاستخدام، والتدخل بحلول مبنية على بيانات دقيقة.
-5 تحفيز الاستثمار العقاري
السوق المنظم يجذب المستثمر، المحلي والأجنبي، لأنه يضمن له بيئة واضحة، شفافة، ويقلل من المخاطر القانونية. القانون يعطي للمستثمر أدوات ثقة في العقار الذي يشتريه أو يطوره.
-6 التحول الرقمي الكامل للتعاملات العقارية
من المرافق إلى الرخص إلى التراخيص، سيتم ربط جميع هذه الخدمات بالرقم القومي، مما يُمكّن من التعامل معها إلكترونيًا بسهولة وأمان.
آلية التطبيق:
• تبدأ الجهات المعنية بتكويد العقارات وإصدار لوحات تعريفية رقمية.
• تُلزم جميع الوزارات والمرافق باستخدام الرقم القومي في تعاملاتها.
• يُمنح المواطنون مهلة لتوفيق الأوضاع، وتُفرض غرامات على من يتخلف عن ذلك.
من هم المستثنون؟
العقارات ذات الطابع السيادي أو الأمني، مثل التابعة للرئاسة أو القوات المسلحة، تم استثناؤها من القانون حفاظًا على طبيعتها الخاصة
الخلاصة:
قانون الرقم القومي الموحد للعقار ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو إصلاح جذري يعالج جذور مشاكل السوق العقاري المصري. هو قانون يؤسس لمرحلة جديدة من الحوكمة العقارية، ويضع مصر على طريق الرقمنة الكاملة للعقار كما يحدث في الدول المتقدمة.
ومن هنا، يصبح من الضروري على المواطنين والمستثمرين ومطوري العقارات الإسراع في فهم آليات القانون والتجاوب مع متطلباته، لضمان الاستفادة الكاملة من هذه المنظومة المتطورة.